الرياضيات فكر وفن وثقافة تعد الرياضيات أساس المعرفة، وعنصر أساسي في تطور مختلف العلوم سواء الطبيعية أو البيولوجية أو الاجتماعية أو الفنية، ولا يوجد مجال في هذا العصر أو في المستقبل المنظور لا يعتمد على الرياضيات، فبالرياضيات شيدت المعابد والأهرامات في مصر، وبنيت الحدائق المعلقة في العراق، وشيدت السفن والأسوار العظيمة في اليونان والصين والهند، وبالرياضيات ظهرت تكنولوجيا الكمبيوتر والاتصالات من بعد، ووجدت السيارات وانطلقت صواريخ الفضاء والأقمار الصناعية، وأمكن فهم أشكال الذرات والكواكب، وصنعت رقائق السليكون، وانطلق البث الرقمي عبر الفضاء، وتحققت إنجازات طبية خيالية لم نكن نحلم بها. لهذا لا يمكن أن ننكر أنه لولا الرياضيات لما استطاع الإنسان الوصول لأي منجزات حضارية، ونسلم بأن الرياضيات غيرت وجه الحياة عبر التاريخ، وكما وصفها العالم الرياضي الكبير اسحق نيوتن بأنها " ملكة العلوم وخادمتها"، وهي لغة العلوم وعنصر حاكم فيما يجري حاليا وما هو متوقع مستقبلاً. ولذلك فقد نالت الرياضيات مكانة أساسية في مختلف المراحل التعليمية وبين كافة المقررات الدراسية، فدراسة الرياضيات تسهم في تنمية القدرات العقلية للدارسين، وتكسبهم مهارات رياضية عديدة لازمة لدراسة المواد الأخرى، بالإضافة لما لها من تطبيقات مباشرة في مواقف الحياة اليومية مما يجعل لها أثراً هاماً على الفرد والمجتمع. لذلك كانت أهمية تعليم الرياضيات في المراحل المختلفة والاهتمام بكيفية تعليم وتعلم الفرد، وكيفية إتقانه لاستخدام المهارات الرياضية في حياته اليومية. ورغم هذا الاهتمام إلا أن كثير من الناس يري الرياضيات شبحاً مخيفاً وأنها غابة من الأشياء المعقدة، لذلك يري كثير من علماء الرياضيات أنها في حاجة إلى ثوب جديد تظهر فيه للناس غير الثوب التقليدي الذي يعزف عنها الطلاب نتيجة شعورهم بعدم جدواها وكونها غابة من الرموز والصياغات المعقدة الجامدة التي يرهقهم منطوقها وأساليب تدريسها وامتحاناتها. وهذا ما دفع الباحثين في مختلف بلاد العالم إلى البحث والتنقيب عن حلول واقعية لتعديل الميول والاتجاهات السلبية لدي المتعلمين وتطوير مستواهم في الرياضيات، وإظهار الوجه الحقيقي للرياضيات بكونها فن جميل ولغة راقية، وتوصلوا إلى حلول متعددة يتم اختبارها في مجتمعات متنوعة فتثبت نجاحاً في مكان ولا تنجح في مكان آخر. ومن الحلول المطروحة؛ الاعتماد على مدخل " رياضيات الثقافة المحلية" كأساس لتدريس الرياضيات، ولتكون بمثابة الجسر الذي يعبر عليه المتعلم ليفهم فن الرياضيات ولغتها الراقية ودورها في بناء مستقبله وفهم ذاته ومجتمعه. حيث يشير أصحاب هذا الاتجاه إلى أن التعليم ينبغي أن يبدأ ببيئة التلميذ وثقافته المحلية لأنها الأساس الذي تبنى عليه تربية المتعلم وهي الدائرة الأولى من دوائر تعلم التلاميذ، ولا يمكن تربية المتعلم دون البدء ببيئته وثقافته المحلية وإجــراء تطبيقات عليها في حدود ما يصادفه المتعلم من مواقف في الوسط الذي يعيش فيه. لأن كل مجتمع يمتلك نوعاً مميزاً من المعرفة، والرياضيات جزء لا يتجزأ من المعرفة ومكون أساسي في ثقافة أي مجتمع، ولا تنفصل الرياضيات عن المجتمع ولغته وقيمه وخبراته لذا أصبحت الرياضيات منتج ثقافي، وبذلك انتهي العصر الفلسفي الذي اعتبر الرياضيات محايدة ثقافياً ودخلنا إلي عصر جديد تم فيه الاعتراف بان الرياضيات منتج ثقافي. وعلى هذا الأساس توجد أنماط متنوعة من الرياضيات في كل مجتمع. يمكن تقويم ثراءها في سياق بيئة معينة وليس مقارنة بغيرها من الرياضيات في بيئات أخرى، مما أعطى أساساً علمياً لاختلاف الرؤى باختلاف المؤثرات الثقافية. ويؤمن أصحاب هذا الاتجاه بأن الثقافات تتعدد بتعدد المجتمعات بل إن المجتمع الواحد ذو الثقافة الواحدة يحتوي بداخله ثقافات فرعية متعددة، وحيث أن التربية وليدة الثقافة فينبغي أن يبني المنهج المدرسي من واقع ثقافة المجتمع المحيط، وواقع البيئة المحيطة، وبذلك تتعدد المناهج بتعدد الثقافات الفرعية في ضوء إطار عام شامل يحظ للدولة كيانها وتماسكها وأيضا احترام التنوع الإنساني داخل المجتمع. وفي ضوء تعدد الثقافات نشأ مدخل " رياضيات الثقافة المحلية وهو من المداخل الحديثة التي تهتم بالخلفية الثقافية للمتعلم وضرورة ربط ما يتعلمه التلميذ ببيئته الثقافية، وهو كفكرة تعليمية تقترح أن يكون محتوى الرياضيات له جذور في الرياضيات المتضمنة في الثقافة ويرى أصحاب هذا الاتجاه في المجتمعات التي تضم مجموعات عرقية وثقافات فرعية مختلفة، أن أطفال كل مجموعة تتعلم من خلال ثقافتها الأفكار والعمليات الرياضية، وينبغي عدم إهمال هذه الخبرات الرياضية عند تعليمهم مقرر الرياضيات، ولذلك فالنظر إلى عقول الأطفال عند التحاقهم بالمدرسة على أنها صفحة بيضاء، يعتبر خطأ كبيراً، وذلك لأن الخبرة الرياضية التي تعلمها هؤلاء الأطفال عن طريق الحدس يمكن الاستفادة منها عند تعليمهم منهج الرياضيات المدرسية. ويشير أن رياضيات الثقافة المحلية مجموعة من الأفكار تهتم بتاريخ الرياضيات وجذورها الثقافية وكذلك الرياضيات المتضمنة في الممارسات اليومية؛ بيد أن الاهتمام الرئيسي لرياضيات الثقافة المحلية يعتمد علي تـعريف وتحديد الكفايات الرياضية الموجودة في ثقافة المجتمع وتغيير التفكير في ضوء المنهج إلى التفكير في ضوء تنمية الذات، وبذلك يرتبط المنهج بتحقيق التمكن في الرياضيات. ورياضيات الثقافة المحلية لا تشير إلى اتجاه في تعليم الرياضيات فحسب، بل إلى الرياضيات المتضمنة في المجموعات الثقافية نفسها والتي يلتقطها الأطفال قبل دخول المدرسة وتشكل جزءاً من خلفيتهم الثقافية. | |
الدكتور أحمد سلامة |
هيئة التدريس
R. SOCIAUX
الموارد البشرية
المواضيع الأخيرة
أوقات الصلات
تكوين في :
تشريع - قوانين - أنظمة - نصوص
- تشريع - قوانين - أنظمة - نصوص
إستراحة
الجزيرة
المصحف الإلكتروني
3 مشترك
الرياضيات فكر وفن وثقافة
Admin- Admin
- عدد المساهمات : 90
نقاط : 287
السٌّمعَة : 11
تاريخ التسجيل : 12/05/2009
العمر : 70
- مساهمة رقم 1
الرياضيات فكر وفن وثقافة
alae elhaddad- عدد المساهمات : 24
نقاط : 61
السٌّمعَة : 5
تاريخ التسجيل : 08/11/2009
العمر : 29
الموقع : www.nojoum.alafdal.net
- مساهمة رقم 2
رد: الرياضيات فكر وفن وثقافة
شكرا لك على هذا الموضوع
newboy- عدد المساهمات : 136
نقاط : 180
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 16/09/2009
العمر : 29
- مساهمة رقم 3
رد: الرياضيات فكر وفن وثقافة
متفق معك
الثلاثاء 20 يناير 2015, 08:25 من طرف lhyounes
» دروس للسنة الاولى
الثلاثاء 10 سبتمبر 2013, 08:45 من طرف SOLAYH66
» مادة التكنولوجيا - مستوى السنة الثانية
الثلاثاء 10 سبتمبر 2013, 08:28 من طرف SOLAYH66
» مادة التكنولوجيا - مستوى السنة الثالثة
الجمعة 22 فبراير 2013, 11:03 من طرف gouchi
» la relative adjective
الأحد 30 ديسمبر 2012, 12:05 من طرف samira florita
» مادة التكنولوجيا - مستوى السنة الأولى
الثلاثاء 11 ديسمبر 2012, 23:11 من طرف khouanito48000
» موقع خاص لتعلم باللغة الفرنسية
السبت 17 نوفمبر 2012, 03:21 من طرف arbano152
» - ملخصات دروس مادة الاجتماعيات - السنة الثالثة - ثانوي إعدادي -
الجمعة 16 نوفمبر 2012, 11:41 من طرف tawaf
» سلسلة تمارين1 الثلثة إعدادي(الرياضيات)
الخميس 15 نوفمبر 2012, 13:12 من طرف tawaf